XtGem Forum catalog

ISsamwap
2024-11-23 06:58soyez les bienvenus ; welcome ; مرحبا بكم

Cours pour les bachelier
دروس البكالوريا

2. معرفة الغير
إذا كان سارتر يميل إلى التأكيد على استحالة معرفة الغير، لأن الأنا تتمثله بوصفه موضوعا، فإن غاستون بيرجي G. Berger يرى أن استحالة معرفة الغير ترجع إلى طبيعة الذات البشرية : فبقدر ما تنتشي الذات بعزلتها وانغلاقها على نفسها، بقدر ما يشكل ذلك عائقا يحول دون القدرة على اقتحام بواطنها. إن ذلك لا يعني أننا لا نستطيع مشاركة الآخرين إحساساتهم، وأن نحاول إبراز بوادر المودة والعطف نحوهم، وإنما المقصود أننا لا يمكن أن نحس بالأمور كما يحسون بها، ومن ثم يصعب الحديث عن مماثلة تامة بين شعور الأنا وشعور الغير. هكذا، تظل كل ذات سجينة نفسها على المستوى الوجودي. إن ذلك ما يجعل الفيلسوف يعتقد أن قدر الإنسان يتحدد في عدم القدرة على تحقيق رغبته في التواصل.

وفي نفس التوجه، يبين نيكولا مالبرانش N. Malebranche أن كل فرد متأكد أنه يشاطر الناس مجموعة من المعارف والحقائق. بل إن الفرد قد يكون متيقنا بأن هناك مطابقة تامة بين معارفه ومعارف الغير، إلا أن ذلك لا يسري على معرفة خصوصيات الذات، لأننا لا نعرف المميزات العقلية والنفسية للآخرين بشكل دقيق. كما لا نستطيع الجزم على أن انفعالات الآخرين وميولاتهم تماثل ميولاتنا تماثلا تاما. ومن ثم، فإن الأحكام التي تصدرها الأنا عن الغير كثيرا ما تتسم بالخطأ، بل إن الفيلسوف يرى أنه من الخطأ الحكم على الآخرين انطلاقا من ذواتنا.

إذا كانت بعض الواقف الفلسفية تعبر عن استحالة معرفة الغير، فإنه يمكن أن نجد، في المقابل، مقاربات فلسفية تؤكد أن معرفة الغير ممكنة، ذلك ما يمكن أن نلمسه عند إدموند هوسرلE. Husserl . فقد حرص هذا الفيلسوف، على أن يبين أن المماثلة هي أساس معرفة الغير. فالآخرون موضوعات خارجية لكن الأنا لا تتعامل معهم ولا تدركهم بهذه الصورة، وإنما تتعامل معهم انطلاقا من وعيها بنفسها: فإذا كان للأنا شعور بتجربتها المتعالية الخاصة عن العالم، وعن الآخرين، فإن للغير بدوره يملك نفس الوعي بتجربته. هكذا يتبين أن لكل من الأنا والغير تجربة ذاتية، ومن هذا المنطلق تتوحد الأنا بالغير من خلال "عالم بينذاتي"، موجود لدى كل واحد من الناس. وعليه، فإن الأنا تستطيع أن تعرف الغير انطلاقا من مماثلة ذاتها بذاته : بحيث تدرك الأنا الغير من العلاقة البينذاتية أنهما يملكان وعيا متماثلا تجاه العالم ولآخرين. ومن ثم، فإذا لاحظت انفعالا باديا عن الغير، فإنه ذلك يجعلني أستطيع أن أحدد طبيعة انفعاله انطلاقا من وعيي الخاص بذاتي.

أما ماكس شيلر M. Scheler، فإنه يؤكد أن معرفة الغير ممكنة، من خلال مظاهره الفسيولوجية (الخارجية)، حتى لو تعمد إخفاء شعوره أو حاول أن يظهر خلاف ما يبطن. ومعنى ذلك، أن الفيلسوف يرفض تمثل الغير من خلال نظرة ثنائية، تجزئه إلى جانب قابل للإدراك الداخلي و آخر قابل للإدراك الخارجي. فشيلر يؤكد أن الغير كلية (أو وحدة) ينصهر فيها الداخلي بالخارجي، لذا لا يمكن أن نعتبره كأنا غريب عنا.

إذا كانت التصورات الفلسفية السابقة تحاول أن تعالج إشكالية علاقة الأنا بالغير من الناحية المعرفية، فإن ذلك يؤدي إلى طرح التساؤل عن طبيعة العلاقة القيمية التي يمكن أن تكون بين الأنا والغير، هل هي علاقة تقارب ؟ أم علاقة تهميش وإقصاء ؟


إن التفكير بهذه الطريقة، قد يجعلنا نعتقد أن هوية الشخص حقيقة يمكن تبينها بشكل ميسر. لكن الواقع أن الأمر ليس بهذه البساطة، فهذا جون لوك J. Locke، مثلا، يرى أن حقيقة الشخص تتمثل في اعتباره ذلك الكائن العاقل المفكر الذكي. والوعي (أو الشعور) هو ما يمكن الشخص من تمثل حقيقة ذاته، علما بأن الوعي والتفكير متلازمان. ومن ثمة، يرى الفيلسوف، أن الرجوع إلى الذات سيظهر للفرد أنه نفس الشخص مهما تغير الزمان والمكان. وسيكون بمقدوره أن يحد نفسه باعتباره تلك الأنا التي تجسد هويته الخاصة. وبالقدر الذي تتجه الذكريات نحو الماضي (الطفولة)، بالقدر الذي تتسع هوية الشخص. واتساع الهوية لا يعني تغيرها لأن الشخص يعي أنه هو نفسه من كان يقوم بتلك الأعمال في الماضي.

ويستبعد جول لاشوليي J. Lachelier أن توجد داخل الشخص أنا ثابتة وقارة. إن الذي يولد لدى الفرد إحساسا بأن له هوية، أو ذاتا مميزة، قابل للاختزال في عاملين: استمرار نفس الطبع، وترابط الذكريات. هكذا يعتقد الشخص أن سلوكياته يحكمها خيط ناظم؛ وأن ما هو عليه اليوم مكمل لما كان عليه في الماضي. ومن ثم، تبدو انطباعاتنا النفسية اليوم تداعيات لحالات ماضية. من هذا المنطلق، يرفض الفيلسوف أن تتحد هوية الشخص في شيء قبلي متأصل في الوعي، لأن الهوية ليست إلا عبارة ذكريات تتداعى ويستدعي بعضها بعضا.

أما شوبنهاور Schopenhauer فينطلق، من رفض كل تصور يربط الهوية بصفات الشخص الجسمية لأنها دائمة التغير. لكنه يرى، في ذات الوقت، أن تقدم السن لا يمنع المرء من الإحساس بأنه نفس الشخص، كما يستطيع الناس أن يتعرفوا عليه بعد أمد طويل. إن ذلك ما يدفع إلى ربط هوية الشخص بالعناصر الثابتة، وذلك ما يدفع الناس إلى الاعتقاد أن الهوية ترتبط بالوعي. إلا أن الفيلسوف يرفض ربط الوعي بالذكرى، لأن المرء لا يتذكر إلا أحداثا مهمة وأساسية، والباقي يطويه النسيان، علاوة على أن عمل الذاكرة قد تشله أمراض أو عوارض أخرى. أما الهوية فتتسم بالاستمرارية، ولذلك لا يمكن أن تحدد في الذات الواعية أو العارفة، لأن الهوية لا تتحدد بشيء آخر غير الإرادة (التي يتمثلها الفيلسوف كشقاء وكشيء في ذاته)..

ويعتبر مونيي Mounier من الفلاسفة الذين يتفقون على أن هوية الشخص لا تتحدد في بعده الجسمي أو في تمظهراته الخارجية. ليؤكد أن الشخص ليس موضوعا: فجسم الشخص، الذي يتجسد فيه وجوده الموضوعي، قابل للمقاربة العلمية الفسيولوجية. وعلى خلاف ذلك، إننا لا نستطيع أن نتمثل إحساس الشخص بجسمه. بل إن الشخص قد يمثل وحدة من كل، ومع ذلك يظل هو هو: حيث يمكن، مثلا، أن يكون أحد الاشتراكيين، أو أحد البرجوازيين، أو أحد الموظفين...، لكننا لا نستطيع أن نقول عن شخص اسمه "برنار شارتيي"، إنه أحد من "برنار شارتيي"، وإنما نقول إنه " برنار شارتيي". كما أن الصور التي نعرفها عن الشخص تساعدنا على الاقتراب منه، إلا أن الشخص يظل بمنأى عنها لأنه ليس شيئا آخر سوى ذاته. فالشخص يظل الموجود الوحيد الذي نستطيع أن نعرفه أو نشكله انطلاقا من دواخله.

إن بعض التقاطعات التي توجد بين التصورات السابقة، لا تؤكد التقاء مطلقا في تحديد هوية الشخص.. ومع ذلك، يظل الشيء المؤكد يتمثل في أن هوية الشخص تظل فيما يمكن أن يميز الإنسان عن الأشياء، وأيضا فيما يمكن أن يميز الفرد عن الآخرين.. وذلك ما يدفع إلى طرح السؤال التالي: فيم تكمن قيمة الشخص؟




Infos :

Pays :
Compteur : 816

Menu principal


ISsamwap © 2007- 2024

Powered by XtGem.Com