XtGem Forum catalog

ISsamwap
2025-04-12 21:22soyez les bienvenus ; welcome ; مرحبا بكم

Cours pour les bachelier
دروس البكالوريا

2. التاريخ وفكرة التقدم
إذا كان الماضي يتكون من مجموعة من الأحداث المتعاقبة كرونولوجيا، فهل نستطيع أن نستطيع أن نؤكد بأن الوقائع التاريخية تعرف سيرورة تراكمية؟

تعتقد الماركسية أن الناس يدخلون في علاقات إنتاج، وبالتالي شروط موضوعية، مستقلة عن إرادتهم.. وفي حالة ما إذا كانت وسائل الإنتاج ملكية خاصة، فإن ذلك حتما يقود إلى الطبقية وبالتالي إلى استغلال الإنسان للإنسان. هكذا عرف التاريخ أنماطا متعاقبة للإنتاج سادت فيها الطبقية ويتمثل آخرها في نمط الإنتاج الرأسمالي. ويمكن تفسير التحولات التي عرفتها المجتمعات من خلال القوانين الدياليكتيكية التي تقنن صيرورة الوجود الاجتماعي. ومن ثم، يمكن تفسير جميع أشكال التحولات التاريخية للمجتمعات من خلال صراع المتناقضات. لهذا ترى الماركسية أن محرك التاريخ هو الصراع الطبقي.

إذا كانت الماركسية تحدد دينامكية التاريخ في القوانين الجدلية، فإن ميرلوبونتي Merleau-Ponty يؤكد أن للتاريخ منطقه الخاص: فهو من جهة عبارة عن تراجيديا واحدة تتأطر داخلها جميع الأحداث ؛ ومن جهة أخرى يلاحظ أن مكونات تلك التراجيديا تتنامى بشكل متسلسل وتعاقبي نحو نهاية معينة. وبما أن التاريخ يعتبر نسقا منفتحا، فإن ذلك ما يسمح بوجود فجوات تؤثر في انتظام سيرورة الوقائع: فقد يحدث أن تختل العلاقة الجدلية بين الشروط الاقتصادية والشروط الأيديولوجية، بحيث يسبق النضج الأيديولوجي النضج الاقتصادي. كما يمكن أن تزيغ دينامية التاريخ عن الأهداف المرسومة والغايات المتوقعة. لكن ذلك، لا يبيح التخلي عن الاعتقاد بوجود "منطق للتاريخ"، لأن هذا سيفسح المجال لاعتبار التاريخ مجرد احتمالات ضمن سلسلة من الممكنات.

ولعل ذلك ما يتجه إليه تمثل ليفي ستروس Lévi-Strauss، لأن هذا العالم الأنتروبولوجي يعتقد أن تكريس فكرة التقدم فيه كثير من المجازفة. فالتاريخ لا يدل ضرورة على وجود حركية تتجه نحو التقدم. وفكرة التقدم قد تشير فقط إلى وقائع متزامنة مرتبطة بأمكنة مختلفة، وليس بالضرورة إلى وقائع متدرجة عبر الزمان. فقد ذهب الناس، مثلا، إلى الاعتقاد بوجود "عصر حجري" قبل "العصر البرونزي"، وذلك أمر لم يحدث بالضرورة. والحقيقة، أنه نظرا لتطور تقنية صناعة الأدوات والمعدات من البرونز والنحاس قياسا بصناعتها من الحجارة فرض تفوق التقنية الأولى عن الثانية. ذلك ما جعلنا نعتقد أن الأمر يتعلق بتقدم حدث عبر الزمان.. بل إن ليفي ستروس ذهب إلى التأكيد أن تحول الوقائع عبر التاريخ يحدث وفق ما يسمى عند البيولوجيين بالطفرت. هكذا يكون التراكم التاريخي مجرد عملية حسابية تستجمع كل الوقائع التي مرت، وذلك لا يؤكد حتما وجود تسلسل منطقي.


إذا كان تصور هيدغر يتأسس على المماثلة، على الأقل على مستوى الشعور، والسلوكات، والمواقف، التي تقود إلى نمطية في العلاقة بالغير تفرغ الأنا من كل ذاتية متفردة ؛ فإن سارتر، على العكس، يعتقد أن العلاقة الأولية بين الأنا والغير هي علاقة سلب، وبالتالي انعدام العلاقة. ومن ثم يصبح القول "أنا لست فلانا" شبيها بالحكم الأنطولوجي "الطاولة ليست كرسيا". هكذا يتبن أن العلاقة، بين الأنا والغير، هي علاقة موضوع بموضوع. إن ذلك لا يعني أن محاولة الانفتاح عن الغير قد تؤدي إلى انكشاف ذاتيته، لأن كل محاولة لمعرفة الغير تحوله إلى موضوع، والعكس صحيح. وقد حاول سارتر، من خلال مثال الخجل، أن يرمز إلى هذه العلاقة حينما بين أن الأنا بالنظر إلى ذاتها كينونة يفترض أن تمارس ذاتيتها وتحيى كينونتها، لكن بمجرد أن ترفع بصرها فتكتشف آخر ينظر إليها حتى تتوقف تلقائيتها، وتقضي على حريتها فتحس بالخجل. لأن الأنا أصبحت تنظر إلى نفسها بنظرة الأخر إليها، وذلك ما يفيد أن الغير يتثمل الأنا كمعطى خارجي يكونه ضمن تجربته الخاصة (تماما كما تفعل الأنا بالغير).

إن موقف سارتر يجعلنا ندرك أن هذا الفيلسوف يؤكد ضمنيا استحالة معرفة الغير كما هو بالنظر إلى ذاته، وذلك ما يدفع إلى طرح السؤال التالي : هل معرفة الغير ممكنة ؟

إن التفكير بهذه الطريقة، قد يجعلنا نعتقد أن هوية الشخص حقيقة يمكن تبينها بشكل ميسر. لكن الواقع أن الأمر ليس بهذه البساطة، فهذا جون لوك J. Locke، مثلا، يرى أن حقيقة الشخص تتمثل في اعتباره ذلك الكائن العاقل المفكر الذكي. والوعي (أو الشعور) هو ما يمكن الشخص من تمثل حقيقة ذاته، علما بأن الوعي والتفكير متلازمان. ومن ثمة، يرى الفيلسوف، أن الرجوع إلى الذات سيظهر للفرد أنه نفس الشخص مهما تغير الزمان والمكان. وسيكون بمقدوره أن يحد نفسه باعتباره تلك الأنا التي تجسد هويته الخاصة. وبالقدر الذي تتجه الذكريات نحو الماضي (الطفولة)، بالقدر الذي تتسع هوية الشخص. واتساع الهوية لا يعني تغيرها لأن الشخص يعي أنه هو نفسه من كان يقوم بتلك الأعمال في الماضي.

ويستبعد جول لاشوليي J. Lachelier أن توجد داخل الشخص أنا ثابتة وقارة. إن الذي يولد لدى الفرد إحساسا بأن له هوية، أو ذاتا مميزة، قابل للاختزال في عاملين: استمرار نفس الطبع، وترابط الذكريات. هكذا يعتقد الشخص أن سلوكياته يحكمها خيط ناظم؛ وأن ما هو عليه اليوم مكمل لما كان عليه في الماضي. ومن ثم، تبدو انطباعاتنا النفسية اليوم تداعيات لحالات ماضية. من هذا المنطلق، يرفض الفيلسوف أن تتحد هوية الشخص في شيء قبلي متأصل في الوعي، لأن الهوية ليست إلا عبارة ذكريات تتداعى ويستدعي بعضها بعضا.

أما شوبنهاور Schopenhauer فينطلق، من رفض كل تصور يربط الهوية بصفات الشخص الجسمية لأنها دائمة التغير. لكنه يرى، في ذات الوقت، أن تقدم السن لا يمنع المرء من الإحساس بأنه نفس الشخص، كما يستطيع الناس أن يتعرفوا عليه بعد أمد طويل. إن ذلك ما يدفع إلى ربط هوية الشخص بالعناصر الثابتة، وذلك ما يدفع الناس إلى الاعتقاد أن الهوية ترتبط بالوعي. إلا أن الفيلسوف يرفض ربط الوعي بالذكرى، لأن المرء لا يتذكر إلا أحداثا مهمة وأساسية، والباقي يطويه النسيان، علاوة على أن عمل الذاكرة قد تشله أمراض أو عوارض أخرى. أما الهوية فتتسم بالاستمرارية، ولذلك لا يمكن أن تحدد في الذات الواعية أو العارفة، لأن الهوية لا تتحدد بشيء آخر غير الإرادة (التي يتمثلها الفيلسوف كشقاء وكشيء في ذاته)..

ويعتبر مونيي Mounier من الفلاسفة الذين يتفقون على أن هوية الشخص لا تتحدد في بعده الجسمي أو في تمظهراته الخارجية. ليؤكد أن الشخص ليس موضوعا: فجسم الشخص، الذي يتجسد فيه وجوده الموضوعي، قابل للمقاربة العلمية الفسيولوجية. وعلى خلاف ذلك، إننا لا نستطيع أن نتمثل إحساس الشخص بجسمه. بل إن الشخص قد يمثل وحدة من كل، ومع ذلك يظل هو هو: حيث يمكن، مثلا، أن يكون أحد الاشتراكيين، أو أحد البرجوازيين، أو أحد الموظفين...، لكننا لا نستطيع أن نقول عن شخص اسمه "برنار شارتيي"، إنه أحد من "برنار شارتيي"، وإنما نقول إنه " برنار شارتيي". كما أن الصور التي نعرفها عن الشخص تساعدنا على الاقتراب منه، إلا أن الشخص يظل بمنأى عنها لأنه ليس شيئا آخر سوى ذاته. فالشخص يظل الموجود الوحيد الذي نستطيع أن نعرفه أو نشكله انطلاقا من دواخله.

إن بعض التقاطعات التي توجد بين التصورات السابقة، لا تؤكد التقاء مطلقا في تحديد هوية الشخص.. ومع ذلك، يظل الشيء المؤكد يتمثل في أن هوية الشخص تظل فيما يمكن أن يميز الإنسان عن الأشياء، وأيضا فيما يمكن أن يميز الفرد عن الآخرين.. وذلك ما يدفع إلى طرح السؤال التالي: فيم تكمن قيمة الشخص؟




Infos :

Pays :
Compteur : 484

Menu principal


ISsamwap © 2007- 2025

Powered by XtGem.Com