ISsamwap
2024-11-23 07:03soyez les bienvenus ; welcome ; مرحبا بكم

Cours pour les bachelier
دروس البكالوريا

3. دور الإنسان في التاريخ
يعتقد هيغل أن التاريخ يعرف صيرورة تعبر فيها الفكرة المطلقة عن ذاتها. كما أن العظماء من الناس يدركون أن وجودهم لا يتحدد في تحقيق غايات خاصة بهم. فالتاريخ ليس تحقيقا لما ينجزه الناس من أفعال راهنية، وإنما التاريخ بناء متجدر في طبيعة الإنسان يتجه نحو تحقيق ما هو كوني. وإذا انتهى الأبطال والعظماء إلى الموت، الذي هو مصيرهم، فلا تبقى سوى الغايات التي من أجلها كرسوا أنفسهم.

إن التصور الهيغلي لدور الإنسان في بناء التاريخ هو تصور جبري، لأن هيغل يعتقد أن الكون هو استلاب للفكرة المطلقة، ومن ثم تكون جميع أفعال الإنسان تعبير عن تلك الروح الموضوعية (التي يجب أن تعود إلى أصلها) التي تعبر عن نفسها في جميع منجزات الإنسان.

وعلى عكس ذلك حاول سارتر أن يؤكد أن الإنسان هو الذي يصنع تاريخه. وبهذه الكيفية، يعيد الفيلسوف النظر في المفهوم الماركسي للتطور. لأن سارتر يرفض أن تتحكم الشروط الموضوعية في الناس وإلا أصبحوا مجرد آلات، وينطلق من أن الإنسان يتميز بقدرته على تجاوز الأوضاع القائمة، ويغير من تأثير الشروط المادية باعتباره مشروعا. فالمشروع يمثل قدرة الإنسان على الخلق ولإبداع ضمن حقل الممكنات التي تنفتح أمام الذات، هكذا يكون الإنسان هو صانع تاريخه من خلال قدرته على تجاوز وضعه الراهن، وممارسة مشروعه من خلال التعبير عن حريته في اختيار إحدى الممكنات وتحقيقها.

كتخريج عام، يتبين أن مفهوم التاريخ، يطرح إشكاليات متعددة أبرزها يتعلق بإشكالية تحديد علمية هذا النوع من التخصص... وسواء أكدنا علمية التاريخ أم لا، فإنه يظل دراسة مهمة قادرة على المساعدة على تحديد الهوية والبحث عن الذات وإدراك الخصوصيات التي تميز أنواع الحضارات ومدى استفادة بعضها من بعض. وفي كل الأحوال فإن الرجوع إلى التاريخ يجب أن يكون للمعرفة والعبرة ولا يجب أن يكون بأي حال من الأحوال سجنا تنغلق فيه الذات للتباكي على الأمجاد البائدة بدلا من العمل على اقتحام الحاضر واستشراف المستقبل.


إذا كان تصور هيدغر يتأسس على المماثلة، على الأقل على مستوى الشعور، والسلوكات، والمواقف، التي تقود إلى نمطية في العلاقة بالغير تفرغ الأنا من كل ذاتية متفردة ؛ فإن سارتر، على العكس، يعتقد أن العلاقة الأولية بين الأنا والغير هي علاقة سلب، وبالتالي انعدام العلاقة. ومن ثم يصبح القول "أنا لست فلانا" شبيها بالحكم الأنطولوجي "الطاولة ليست كرسيا". هكذا يتبن أن العلاقة، بين الأنا والغير، هي علاقة موضوع بموضوع. إن ذلك لا يعني أن محاولة الانفتاح عن الغير قد تؤدي إلى انكشاف ذاتيته، لأن كل محاولة لمعرفة الغير تحوله إلى موضوع، والعكس صحيح. وقد حاول سارتر، من خلال مثال الخجل، أن يرمز إلى هذه العلاقة حينما بين أن الأنا بالنظر إلى ذاتها كينونة يفترض أن تمارس ذاتيتها وتحيى كينونتها، لكن بمجرد أن ترفع بصرها فتكتشف آخر ينظر إليها حتى تتوقف تلقائيتها، وتقضي على حريتها فتحس بالخجل. لأن الأنا أصبحت تنظر إلى نفسها بنظرة الأخر إليها، وذلك ما يفيد أن الغير يتثمل الأنا كمعطى خارجي يكونه ضمن تجربته الخاصة (تماما كما تفعل الأنا بالغير).

إن موقف سارتر يجعلنا ندرك أن هذا الفيلسوف يؤكد ضمنيا استحالة معرفة الغير كما هو بالنظر إلى ذاته، وذلك ما يدفع إلى طرح السؤال التالي : هل معرفة الغير ممكنة ؟

إن التفكير بهذه الطريقة، قد يجعلنا نعتقد أن هوية الشخص حقيقة يمكن تبينها بشكل ميسر. لكن الواقع أن الأمر ليس بهذه البساطة، فهذا جون لوك J. Locke، مثلا، يرى أن حقيقة الشخص تتمثل في اعتباره ذلك الكائن العاقل المفكر الذكي. والوعي (أو الشعور) هو ما يمكن الشخص من تمثل حقيقة ذاته، علما بأن الوعي والتفكير متلازمان. ومن ثمة، يرى الفيلسوف، أن الرجوع إلى الذات سيظهر للفرد أنه نفس الشخص مهما تغير الزمان والمكان. وسيكون بمقدوره أن يحد نفسه باعتباره تلك الأنا التي تجسد هويته الخاصة. وبالقدر الذي تتجه الذكريات نحو الماضي (الطفولة)، بالقدر الذي تتسع هوية الشخص. واتساع الهوية لا يعني تغيرها لأن الشخص يعي أنه هو نفسه من كان يقوم بتلك الأعمال في الماضي.

ويستبعد جول لاشوليي J. Lachelier أن توجد داخل الشخص أنا ثابتة وقارة. إن الذي يولد لدى الفرد إحساسا بأن له هوية، أو ذاتا مميزة، قابل للاختزال في عاملين: استمرار نفس الطبع، وترابط الذكريات. هكذا يعتقد الشخص أن سلوكياته يحكمها خيط ناظم؛ وأن ما هو عليه اليوم مكمل لما كان عليه في الماضي. ومن ثم، تبدو انطباعاتنا النفسية اليوم تداعيات لحالات ماضية. من هذا المنطلق، يرفض الفيلسوف أن تتحد هوية الشخص في شيء قبلي متأصل في الوعي، لأن الهوية ليست إلا عبارة ذكريات تتداعى ويستدعي بعضها بعضا.

أما شوبنهاور Schopenhauer فينطلق، من رفض كل تصور يربط الهوية بصفات الشخص الجسمية لأنها دائمة التغير. لكنه يرى، في ذات الوقت، أن تقدم السن لا يمنع المرء من الإحساس بأنه نفس الشخص، كما يستطيع الناس أن يتعرفوا عليه بعد أمد طويل. إن ذلك ما يدفع إلى ربط هوية الشخص بالعناصر الثابتة، وذلك ما يدفع الناس إلى الاعتقاد أن الهوية ترتبط بالوعي. إلا أن الفيلسوف يرفض ربط الوعي بالذكرى، لأن المرء لا يتذكر إلا أحداثا مهمة وأساسية، والباقي يطويه النسيان، علاوة على أن عمل الذاكرة قد تشله أمراض أو عوارض أخرى. أما الهوية فتتسم بالاستمرارية، ولذلك لا يمكن أن تحدد في الذات الواعية أو العارفة، لأن الهوية لا تتحدد بشيء آخر غير الإرادة (التي يتمثلها الفيلسوف كشقاء وكشيء في ذاته)..

ويعتبر مونيي Mounier من الفلاسفة الذين يتفقون على أن هوية الشخص لا تتحدد في بعده الجسمي أو في تمظهراته الخارجية. ليؤكد أن الشخص ليس موضوعا: فجسم الشخص، الذي يتجسد فيه وجوده الموضوعي، قابل للمقاربة العلمية الفسيولوجية. وعلى خلاف ذلك، إننا لا نستطيع أن نتمثل إحساس الشخص بجسمه. بل إن الشخص قد يمثل وحدة من كل، ومع ذلك يظل هو هو: حيث يمكن، مثلا، أن يكون أحد الاشتراكيين، أو أحد البرجوازيين، أو أحد الموظفين...، لكننا لا نستطيع أن نقول عن شخص اسمه "برنار شارتيي"، إنه أحد من "برنار شارتيي"، وإنما نقول إنه " برنار شارتيي". كما أن الصور التي نعرفها عن الشخص تساعدنا على الاقتراب منه، إلا أن الشخص يظل بمنأى عنها لأنه ليس شيئا آخر سوى ذاته. فالشخص يظل الموجود الوحيد الذي نستطيع أن نعرفه أو نشكله انطلاقا من دواخله.

إن بعض التقاطعات التي توجد بين التصورات السابقة، لا تؤكد التقاء مطلقا في تحديد هوية الشخص.. ومع ذلك، يظل الشيء المؤكد يتمثل في أن هوية الشخص تظل فيما يمكن أن يميز الإنسان عن الأشياء، وأيضا فيما يمكن أن يميز الفرد عن الآخرين.. وذلك ما يدفع إلى طرح السؤال التالي: فيم تكمن قيمة الشخص؟




Infos :

Pays : United States
Compteur : 623

Menu principal


ISsamwap © 2007- 2024

Powered by XtGem.Com



Disneyland 1972 Love the old s